كتب :مختار حسنين
يسير خلف النعش كالجميع من حوله، لو أن به قوة لتبادل حمله معهم،عصاه تنقر الأرض أمامه،لايسمع لها صوتاً،وهو خلفها يهرول،لاصوت فى مسمعه غير صوته،كم تمنى الموت قبله كى لايلقى ذلك الحزن الكئيب،ماذا يحدث إذا وصل الجبانة ليفاجأ به حياً،فتكون لعبة من ألعابه التى عهدها منه!،كيف؟!،وهو الذى غسّله وكفنه بيديه، ثم صلى بالناس عليه ، لن يحتمل العودة بدونه ، لن يسمع نداءه ككل صباح ،يسيران فى اتجاههما إلى الغيط ،أو يذهب معه لأداء واجب العزاء . يجلسان بعد صلاة العشاء ، يتبادلان الحد يث عن كتاب الله ،بعدها يبدأ الحكى والمواويل ،والضحك المتواصل .
ليلة الأمس الوحيدة التى لم يسمع منه كلمته المعهودة “الحي يشوف الحي” ومازال صوته يساعده على التنهد بفك بعض خيوط الحزن المنسوجة على صدره.
– إيه يامحمد؟….”سمين يعنى لسه ماتدبحش….”حنيذ” يعنى جاهز للأكل؟ ولّا الاثنين بمعنى واحد؟
فيرد بكل ثقه:- أنا جاهل وحافظ…. مافيش عليا عيب…. لكن انت راجل متعلم .
– النجم النهارده واضح…. آدى ياسيدى العقرب… والعصا… ودول بنات نعش
…فين طريق التبانة؟.
ينظر بعينيه ،يتفحص السماء،ثم يشير:
الخط الباهت ده؟
– مش بقولك انك راجل عجزت؟.
توقفت عصاه عن الطرق على الصخور لوقوف الناس يضعون النعش على حافة القبر،انتهى الناس من تسوية التراب على القبر،ومد أحدهم يده إلى الجالس مسنداً ظهره إلى الصخرة،ووجهه بين ذراعيه المسندتين على ركبتيه.
– شد حيلك ياحج محمد… البقاء لله .
فهزه لتنزلق العصا معلنة عدم البقاء وحيدة هى الأخرى .